تمثل وسيلة الإعلام والاتصال،الأداة التي تتم بها الرسالة
الإعلامية،أو هي القناة التي تحمل الرموز التي تحتويها الرسالة من المرسل الى
المستقبل.
ففي أية عملية اتصال،يختار المرسل وسيلة لنقل رسالته،إما شفهياً
او بواسطة وسائل الاتصال الجماهيري(سمعية،بصرية)..
ولا يغيب عن الذهن،بان الوسيلة ليست هي الآلة او الجهاز بحد
ذاتها فقط،ولكنها تتمثل أيضا في هيكل التواصل كله،أي بمعنى ان الصحيفة(مثلا) بدون
مطبعة،وبدون موزع،لا تعتبر وسيلة اتصال.ومن جهة أخرى،قد يكون لوسائل الاتصال
والإعلام معنى مزدوجاً عندما نشير الى الطابع الوكيلي أو الوسيطي لوسائل الاتصال
والإعلام مثل،التلفزيون والراديو والصحافة..الخ.
كما قد يتخذ معنى المحيط او الوسيط او الجو العام الذي
تندرج ضمنه الأخبار،والإعلانات..الخ. إن وسائط الاتصال او الإعلام باعتبارها"وسائط"ينطبق
عليها وصف العالم"ماكلوهان" لوسائل الاتصال بأنها"امتدادا
للإنسان،ولكن لكونها"الوسيط" فإنها تتفق أكثر مع العبارة الشهيرة التي
قالها"ماكلوهان":الوسيلة هي الرسالة".
ونحن بدورنا نعتقد انه يمكن الجمع بين المدلولين،اذا
اعتبرنا ان طبيعة الوسيلة هي جزء هام من الرسالة الإعلامية،ولكنها ليست كل
الرسالة،بمعنى إذا كانت للرسالة وخصائصها الذاتية أهمية كبيرة في التأثير على
المستقبل،فانه قد يكون لوسيلة الرسالة دور حاسم في ذلك،وقد يصل الأمر الى حـد يجعل
لكل وسيلة رسالتها وذلك بالرغم من الانطلاق من نفس الفكرة،ومن نفس المفهوم
والهدف.وتختلف النماذج التحليلية لعملية الاتصال والإعلام تبعاً للتراكم التاريخي
المعرفي حسب منظور التخصص الذي عولجت من خلاله،ويتضح من خلال تاريخ دراسة الاتصال
والإعلام،ان عملية الاتصال والإعلام تشتمل دائما على:المرسل،الوسيلة،المستقبل،وهذا
المنظور الثلاثي،تتضمنه نظريات ونماذج الاتصال كلها الى درجة ان بعض المفكرين من
أمثال،"كوهن" أسموه"الإطار المرجعي" الموجه لتفكير العلماء
منذ عهد أرسطو حتى الآن أثناء تطويرهم لنظرياتهم ونماذجهم.ومنـذ الربع الأخير من
القرن العشرين،تحولت بؤرة الاهتمام والتركيز من المرسل-والوسيلة-والمستقبل،أي من
منظور ذي اتجاه واحد إلى إطار دائري او حلزوني،ومن نظرة ثابتة الى طريقة دينامية
شاملة متعددة العناصر والاتجاهات.ومن أهم النماذج التي وردت في هذا الميدان هو
نموذج العالم"روجرز وكفكايـد،المعروف بنظرية"التلاقي للاتصال" التي
يمكن تلخيصها في عملية تبادل متتابع للمعلومات بيم فردين يهدفان للوصول الى فهم
مشترك للموضوع.وفيما يلي محاولة للتعرف على العناصر التقليدية للاتصال والإعلام:
1ـ المرسل:هو صاحب الرسالة(مصدرها) او الجهة التي تصدر عنها
هذه الرسالة سواء كانت فردا او جماعة او هيئة معنوية او جهاز..الخ
2ـ المستقبل:هو الذي توجه له هذه الرسالة سواء كان فردا او
جماعة او هيئة معنوية..
3ـ الوسيلة: هي قناة الاتصال التي تؤدى بها الرسالة
الإعلامية سواء كانت هذه الرسالة صحيفة،إذاعة،تلفزيون،فاكس،إنترنت،خطبة،أو
معرضا..الخ.
4ـ الرسالة:هي المضمون او الجوهر الذي تؤديه الوسيلة
والمادة الإعلامية نفسها. تطور وسائل الاتصال والإعلام: وجدت وسائل الاتصال
والإعلام بوجود هذا العالم،واجتازت مراحل تطور عديدة،أفرزت عـدة أنواع متفاوتة في
الكم والكيف والنوع والمدى.
.ويختلف الخبراء
المتخصصون في هذا الميدان،حول تصنيف وسائل الاتصال والإعلام نظراً لتعدد مستويات
واختلاف أغراض استخدامها،بالإضافة الى المنظور التحليلي الذي يختلف من مدرسة الى
أخرى.وعلى أية حال ،يمكن تقسيم أهم التصنيفات تلك على النحو الآتي:
1_ يقسم فريق من خبراء الاتصال والعلاقات العامة
وسائل الاتصال الى مجموعتين رئيسيتين الأولى تمثل أدوات او وسائل تتضمن الصحف
والمجلات والنشرات والكتب والملصقات بأنواعها،وتعرف بأسم"مجموعة الكلمات
المكتوبة".أما المجموعة الثانية،فيطلق عليها أسم"مجموعة الكلمات
المنطوقة" وتتضمن الراديو والتلفزيون،المسرح،المحاضرة..الخ.
2_ يقسم فريق آخر من المتخصصين في هذا الميدان وسائل
الاتصال والإعلام الى مجموعتين أيضاً،وذلك حسب درجة الأداء وتضم المجموعة
الأولى،وسائل الاتصال"سريعة الأداء" وهي التي لا تتيح فرصة طويلة لتفكير
عميق في الرسالة،وتضم هذه المجموعة،الصحف اليومية،الملصقات،والنشرات،وفي السينما
والراديو والتلفزيون التي تتميز عادة برامجها الإخبارية بكثرة الموضوعات وقلة
التحليل. أما المجموعة الثانية،فتضم كافة وسائل الاتصال والإعلام"بطيئة
الأداء" وهي التي تتيح للجمهور فرصة طويلة(نسبيا) لتصارع الأفكار،وممارسة
التحليل الكافي.ولهذا تعتبر المجلات الشهرية والمسلسلات السمعية(الإذاعة)
والسمعية-البصرية(التلفزة) والأحاديث المتتابعة في موضوع واحد ذات تأثير بطيء
الأداء.
3_ يذهب فريق ثالث من المختصين في هذا الميدان الى
تقسيم وسائل الاتصال والإعلام تبعاً للعوامل التي تتأثر بها بصورة مباشرة(أي
الحواس)،فيقسمون هذه الوسائل الى وسائل سمعية-بصرية،وسمعية
بصرية،راديو،صحيفة،تلفزيون.
4_ أما الفريق الرابع من خبراء الاتصال،فيعتبر ان وسيلة
الاتصال قد تكون وسائل مقروءة،كالصحف والمجلات،والكتب،أو وسائل سمعية كالإذاعة،أو
وسائل بصرية كاللوحة الفنية،أو وسائل بصرية كالمسرح والسينما والتلفزيون،ووسائل
شخصية كالمقابلة الحوارية. 5_أما المفكر الأمريكي"مارشال ماكلوهان"
فيصنف وسائل الاتصال الى وسائل "باردة" مثل، السينما
والتلفزيون،وأخرى"ساخنة" مثل،الصحافة والكتب والإذاعة.ويرى ان
الوسيلة"الساخنة" هي التي لا تحافظ على التوازن في استخدام الحواس،بل
تركز على حاسة واحدة(السمع،البصر).كما أنها تقدم المضمون
الإعلامي"جاهزاً" الى حد ما مما يقلل من حاجة الإنسان للخيال. أما
الوسيلة"الباردة" فهي(من وجهة نظره) التي تحافظ على التوازن بين
الحواس،وتحتاج لقدر كبير من الخيال.فالمحاضرة(مثلا) تسمح بمساهمة اقل من الندوة او
الملتقى او الحوار او الحديث.ولهذا فان الفكرة الأساسية هي ان
الوسيلة"الساخنة""تبعـد"،والوسيلة"الباردة""تقرب"
او "تستوعب" بمعنى ان الوسائل الساخنة تكون درجة المساهمة
فيها"ضئيلة"،أما الوسائل"الباردة" فدرجة مساهمة الجمهور في
إكمال ما تقدمه"عالية". وعلى أية حال،تعتبر غالبية تكنولوجيا الترفيه
المتوفرة منذ إدخال التكنولوجيا المطبوع"ساخنة" ومجزئة وتبعد كل شيء
آخر.ففي عصر التلفزيون يلاحظ عودة القيم الباردة والاندماج المتعمق بسبب المساهمة
الواسعة التي تقوم عليها. وحسب نظرية ماكلوهان،تعتبر السينما والتلفزيون دائما من
الوسائل"الساخنة" في حد ذاتها،والباردة في حد إعلامها،حيث ان المشاهد
يحتاج الى وقت او جهد أكبر لانتشال نفسه من الاستغراق فيها،وهذا يمثل في الحقيقة
تحذيرا جديدا آخر أمام خطورة انتشار التلفزيون والسينما وكل وسائل الاتصال السمعية
البصرية في عصر الاتصال،اذا لم يتم التحكم فيها،وعلى العكس من ذلك،فان الصحيفة او
الوسيلة المطبوعة هي وسيلة"باردة" في ذاتها ولكنها"ساخنة" في
حد تعديها لجمهورها.
6_ثمـة تصنيفات حديثة
لوسائل الاتصال،ولا يتسع المجال هنا للتعرض لها بشيء من الإسهاب،ولذا سنكتفي بذكر
مؤشرات تصنيفها وتسميتها المختلفة وهي:
1ـ وسائل اتصال تبعاً لمضمون الرسالة الاتصالية
وتتمثل في: _ وسائل إخبارية _وسائل تسلية(ترفيه)
2ـ وسائل اتصال تبعاً لتعميمات مفهوم"الأخبار
الآنية" وتتمثل في: _ الإعلام العرضي(الطارئ) _ الإعلام غير العرضي
.وهذه الرسالة ذاتها،تؤديها أفلام السينما حين تؤكد ان
الأمانة هي السياسة المثلى، واستناداً الى ذلك،يمكن تلخيص الوظائف الرئيسية التي
تؤديها وسائل الاتصال للمجتمع في الوظائف التالية:
1ـ وظيفة إخبارية وإعلامية: تعمل وسائل الاتصال،على
تحذير المجتمع البشري من الأخطار الطبيعية مثل، الهجوم أو الحرب أو الأمراض،وتنقل
معلومات نفعية،كالأخبار الاقتصادية والحيوية والتموينية.كما أنها تعطي للإنسان
معلومات مفيدة ونافعة،وتضفي عليه هيبة واحتراما،وتمكنه من ممارسة قيادة
الرأي،لكنها قد تسبب في زيادة الإحساس بالفقر والحرمان،وتخلق روحاً من اللامبالاة
والتخدر.
2ـ وظيفة تحديث المجتمع: يسهم الإعلام بنصيب كبير في
عملية تحديث وتحضير المجتمع الإنساني.فوسائل الإعلام تساعد بدور فعال في انتشار
المعرفة،وتنمية القواعد والقوانين الجديدة التي تتوافر مع التحضر.
3ـ وظيفـة الشرح والتفسير: تعتبر هذه الوظيفة حديثة النشوء،وجاء
ظهورها بعد ان تعقدت أمور المجتمع،وازدادت تخصصاته،وترامت أبعاده،وأصبح معظم ما
يجري فيه غير مفهوم للإنسان العادي،مما يتطلب من الإعلام تقديم شرحاً لمغزاه
وتفسيراً لطبيعته،إذ يعتبر رجل الإعلام مسئولا عن جعل كافة الحقائق والمعلومات ذات
القيمة الحضارية،في متناول فهم جميع الناس،حيث أنه كلما أزداد النمو الفني
والصناعي والعلمي لمجتمع بشري معين،فإنه يصبح في غاية في التعقيد والتجريد،بعيداً
كل البعد عن التجربة الفردية المباشرة.
4ـ وظيفة تربوية
وتعليمية: يقدم التعليم وجهات نظر ثابتة،ويساعد على تنمية الفكر وتقوية ملكة النقد
،وتربية الشخصية الإنسانية.ولعل هذا ما يجعل وظيفة التربية،تأخذ أهمية بالغة،وخاصة
بفضل استخدام وسائل الإعلام السمعية-البصرية. فالتقنيات السمعية البصرية،لم تعد
كوسائل مساعدة فحسب،وإنما أصبحت بجانب الصحافة،من الأدوات الضرورية لتربية شاملة
ودائمة للأحداث والشباب،إذ أصبح الإعلام قطاعاً أساسياً في التربية.
5ـ وظيفة التثقيف: تقوم وسائل الاتصال ببث الأفكار
والمعلومات والقيم التي تحافظ على ثقافة المجتمع،وتساعد على تطبيع أفراده،وتنشئتهم
على المبادئ القويمة التي تسود في المجتمع.فوظيفة التنشئة الاجتماعية تتصل بخلق
الجو الحضاري الملائم للتقدم والنهضة عن طريق التوعية الشاملة بأهداف وخطط
المجتمع.
6ـ وظيفة الترفيه: تعتبر هذه الوظيفة،ذات أثر نفسي، وتهدف
للتنفيس عن المتاعب والألم.ولكن هذه الوظيفة في نفس الوقت ،قد تجعل المجتمع غارقاً
في الأوهام،وبعيدا عن دائرة الواقعية،مما يزيد من السلبية،ويتيح الفرصة لبروز
الاتجاهات الهروبية.وتلك الأوضاع توفر وسيلة للسيطرة على الحياة السياسية
والاجتماعية،فضلاً عن ان الترفيه ،قد يهبط الى مستويات تؤثر سلباً على المزاج
العام. والخلاصة ان جميع وسائل الإعلام،تساهم في ملئ أوقات الفراغ بالبرامج
الترفيهية مثل، المسرحيات والروايات الفكاهية أو المسلسلات أو الموسيقى والتحقيقات
الرياضية والمقابلات أو المنوعات ،وغيرها من مختلف البرامج التي إذا وضعت معاً
شكلت صناعة ذات أبعاد لا حدود لها. وهناك علاقات وثيقة بين الرعاية ووسائل
الترفيه،حيث تتشابك مصالحهما معاً،وهما يمثلان مجالين من مجالات الإعلام،يسيطر
عليهما منطق الإعمال والمصالح التجارية سيطرة تامة.وهذا هو ما يفسر دخول كثير من
الشركات العاملة فيها في مجالات إعلامية أخرى،كنشر الأنباء،وبنوك
المعلومات،والإعلام التجاري،وإنتاج البرامج التعليمية الجاهزة...الخ.وتعتبر صناعة
الترفيه تلك،ذات أهمية كبيرة بالنسبة للبلدان المتقدمة بصورة خاصة،ولكن الاهتمام
بها بدأ يمتد الى البلدان النامية،وخاصة في المناطق الحضرية(المدن)،وبين الطبقات
العليا من مجتمعاتها.